كن جوهر خالصاً

عدد المساهمات : 14 تاريخ التسجيل : 05/10/2012

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد ولد آدم ورافع لواء الحمد يوم القيامة وصاحب الشفاعة سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أخي وحبيبي في الله كن جوهر خالص نقي من كل شائبة وحب شديد وصفاء لكل شيء وذل إلى الله وانكساراً لعظمته وأدب نفسك أدب جم مع الله وسائر مخلوقاته وحلو النفس والخلق وصافياً في المظهر والمخبر وبسيطاً بعيداً عن التكلف و التعمل ومن أهم الأشياء وأعظمها صفاء القلب وكن شديد العطف والرأفة خالياً من أسباب الكبرياء واجعل قلبك دائماً عامراً بالحب المجرد لله وكن في محبتك لله محباً لكل شيء واعلم أن المحبة في الله تكون شديدة قوية جارفة إذ هي تصدر عن قلب قد خلى تمام الخلو من الشوائب وخلص نفسك من أصل الداء وهو الإعجاب بالنفس والحب لها فاعلم أن المحب لنفسه لا يكون خالص الشعور نحو الناس لأن محبة النفس تؤدي إلى تنازع الاغراض مع الغير وإلى الشعور بالتنافر إذا ما تعارضت المصالح ولذلك فالأنانية حجاب بين المرء والناس وبالتالي فهي حجاب بينه وبين الله تبارك وتعالى فالأناني قد يحب غيرة ولكن بقدر صالحه ثم هو قد ينقلب على ذلك الغير إذا تغير هذا الصالح .
أما المحب لله تعالى فليس لحبه حدود لأن قدر الله غير محدود ثم أن حبه لا يتغير ولا يتحول وذلك لثبات محبوبه ودوامه , ولذلك قوة الحب لا تكون ألا لقلب خال من الشوائب والعوائق وخاصة حب النفس و الإعجاب بها .
فالأناني قد يحب الناس والأشياء ويخالطهم ولكن إذا كان ذلك وجه لمحبته لنفسه فهو قد يحب أخاه أو زوجته لما له عنده من نفع , ولكنه يكف عن هذا الحب إذا احتاج إليه أخوه أو أثقله بطلباته وقد يحب زوجته لأنها تخدمه وتسعده ولكن حبها يضعف ويبهت أو ينقلب إذا مرضت أو عجزت عن اشباع رغباته وخدماته , وهو يتوهم الحب لكل من يتوسم فيه نفعاً له , ولكنه يتحول عنه إذا انقضت حاجته إليه أو تكشف له عدم نفعه له , وإنما المحبة الصادقة الكاملة إذا صدرت بلا عله من النفس وإذا كانت لله وفية.
ويقول إمامنا وشيخنا المربي الشيخ أحمد الرفاعي يحصل صفاء الصدر حتى لا يبقى في القلب شيء من الخبث والبغض لأحد من المؤمنين فعند ذلك تأنس به الطيور والوحوش ولا تنفر منه.
والأنس بالله لا يكون إلا لعبد قد كملت طهارته .
وأن القلب إذا انجلى من محبة الدنيا وشهواتها صار كالبلور وأخبر صاحبه بما مضى وبما هو آت من أحوال الناس وإذا صدأ قلب الفقير حدثه بأباطيل يغيب معها رشد الرجل وعقله.
واعلم أن جمال القلب بالخوف وجمال العقل بالفكر وجمال الروح بالشكر وجمال اللسان بالصمت وجمال الوجه بالعبادة وجمال النية بترك الخواطر وجمال الفؤاد بترك الحسد وجمال النفس بالمخالفة وجمال السر بالصبر وجمال الحال بالإستقامة وجمال السير بالتسليم وجمال الخدمة بالأدب وجمال الكلام بالصدق وجمال الطريق بموافقة الشرع وجمال الكل بتوفيق الله .
وقم أخي الفاضل بتربية نفسك وقلبك والبعد كل البعد به عن أسباب الفتون والرياء وأعلم أن رأس مالك ووقتك إن شغلت قلبك بهواجس الظنون وضيعت وقتك فيما لا يعنيك فمتى يربح من ضيع رأس ماله
وإذا كانت نفسك غير ناظرة إلى قلبها فأدبها بمجالسة الحكماء وأقرب الأشياء إلى المقت رؤية النفس وأحوالها وأعمالها وأشد منه طلب العوض عن العمل ولا تكن كعبد السوء يؤدي الخدمة وينظر إلى الجزاء ومن لم يحسن رعاية نفسه أسرع إلى الهلاك وركون النفس إلى المدح أشد عليها من المعاصي.
واعلم أن رُب معصية أودت بصاحبها إلى الجنة والعز المقيم . أي هناك عاصٍ قد عصى الله بمعصية وبعد اقترافها خاف واستغفر وتاب بصدق نية وأقلع عن فعل الذنوب ودخل على باب ربه تائباً وعزم عزماً أكيداً على أن لا يعود للذنوب.
ورُب طاعة أودت بصاحبها إلى الهلاك والذل المقيم .أي هناك رجل قام بعمل طاعة ليقال عنه إنه فعل كذا وكذا فتصبح طاعته هباءً منثوراً
وإياك أن تفرح بكثرة الطاعات ولكن افرح بقبولها كم من قائماً لليل ما نال إلا سهره وكم من صائم ما نال منه إلا جوعه وعطشه فيا أخي افرح بقبول الطاعات لا بكثرتها .
وأقول قولى هذا واستغفر الله لي ولكم
وأسأله تعالى في كبرياءه وعظيم سلطانه أن يوفقنا إلى ما يحبه ويرضاه وأن يرزقنا حسن الأدب وأن يجعل جوهرنا خالصاً نقياً صافياً من سائر الشوائب والظنون.